في جريمة قتل منال نجيب لن اتحدث عن منال نجيب التي لا أعرفها.. لكن سأتحدث عن شركاء الجريمة الذين تعرفونهم جميعا.
ليست صعوبة الطلاق هي سبب الجريمة فالزوجة لم تطلب الطلاق وحين طلبته قتلها.
الطلاق موجود في المسيحية لكنه يشبه الخلع في الإسلام أي يحتاج إلى إجراءات وشروط كانت معقدة لكنها أصبحت أقل تعقيدا الآن.
أهم الشروط هو شرط "استحالة العشرة" وفي حالة منال كان هذا الشرط متوفرا، فالزوج يهدد زوجته بالقتل ويفتح الغاز على أبنائه في محاولة لقتلهم.
لكن منال لم تطلب الطلاق لأنها خافت من "كلام الناس".. خافت من مجتمع ضاغط بيعاير المطلقة ويطاردها.. وهي كأم "عندها بنات" خافت من الوصم أكثر من خوفها من مجرم تعيش معه.. المجتمع هنا شريك أول في الجريمة.
منال ذهبت لرجل الدين تشكو له زوجها وتحكي مشكلتها.. وبحسب ابنتها من ذهبت إليهم أقنعوها بالصبر والاحتمال.. أعرف رجال دين يتوسطون بإخلاص وتفاني لحل هذه المشاكل، لكن من قال لمنال "هدي سرك وتعايشي" هو شريك ثان في الجريمة.
أما الفاعل الرئيسي في الجريمة فليس هو القاتل نفسه.. بل هذا الشعور الغريب بالاستحقاق عند أغلب الذكور الشرقيين..
الذكر الشرقي يظن إنه السيد و"تاج راس الست"، ويعامل زوجته كجارية عليها أن تطيعه، حتى لو كانت هي من تعمل وتدبر المال، لن يشفع لها هذا، فهي في عقله الباطن مجرد وسيلة لإشباع الرغبة، وربما يحتقرها في قرارة نفسه، حتى في أكثر اللحظات الحميمة.
هذا الذكر سيتحول إلى دجاجة صغيرة في اول كمين شرطة، فهو أيضا يعرف حجمه الحقيقي، لكنه كذكر "مستحق" لا يفهم أن يظل مقهورا طوال الوقت، ويعرف أن اهل بيته هم الحلقة الأضعف في دورة حياته اليومية، فيعيد تدوير القهر، ويتحول في منزله إلى الصورة التي يرى فيها نفسه السيد، شاهرا عضوه الذكري كسلاح وحيد يملكه حتى أنه أنجب اربعة أبناء من زوجة لا يحبها ولا تريده.
شعور المرأة بالضعف أمام الرجل هو أيضا شريك خفي.. أفهم أن تكتشف زوجة طباع زوجها السيئة بعد الزواج.. لكن لا أفهم كيف تنجب منه أربعة أبناء.. هذا الاستسلام غير المفهوم حاضرا بشكل ما في هذه القصة.
وعودة للمجتمع.. المتهم الأول.. فلا حل له سوا أن تتغير المرأة نفسها..
أعرف سيدة منفصلة عن زوجها بعدما سعت هي وليس هو للطلاق، لاستحالة العشرة، وبعد أن نالت حريتها ظلت لسنين طويلة يتملكها شعور بالذنب أمام أبنائها، خوفا أن يسبب وضعهم الجديد حرجا أمام زملائهم، كبر الأبناء وجاءت الفرصة لتختبر هذا الشعور لديهم فتفاجئت برد ابنها أن هذه الأمور تحدث ولا تخلو بيوت أصحابه من مشاكل مختلفة سواء كانت طلاق أو وفاة أحد الوالدين أو مشاكل أخرى.. كان رد ابنها هو لحظة الإفاقة الحقيقية التي نالتها منذ انفصالها.. وبعدما تحررت بالطلاق.. حررتها كلمة ابنها من الآثار النفسية للطلاق نفسه، وأصبحت قدرتها على مواجهة المجتمع أقوى ولم تعد تخاف المجتمع ولا الوصم.
وأعرف سيدة أخرى بعد الانفصال اجتهدت في تطوير نفسها، واهتمت بالنجاح المهني حتى أصبحت ضيفة في القنوات التلفزيونية في تخصصها، فصارت نموذجا ولم يشغلها المجتمع ولا نظرته لها.
وأعرف أخرى تكافح لتعليم ابنتها تعليما راقيا رغم ضيق ذات اليد، ليكون تعليم ابنتها هو نقطة التوازن في حياتها، رغم وجودها وسط مجتمع شعبي لا يرحم لكنها لا تبالي.
وأعرف سيدات كثيرات منفصلات وناجحات وهن من سيجبرن المجتمع على تغيير نظرته، وربما ينقذ هذا ضحايا محتملات.
شمعي أسعد
#تأملات_على_الصحراوي
#حق_ماما_منال_لازم_يرجع