Sunday, March 15, 2015

يحدث في "دوت مصر" .. ما يحدث في "كل" مصر



تقول نكتة قديمة إن سبعة أشخاص قرروا شراء سيارة أجرة "٧ راكب" مشاركة، ولكي لا ينصب عليهم السائق كانوا يركبون معه كل يوم، ولما وجدوا أن السيارة لا تدر دخلا، قرروا فصل السائق.

هكذا فعل "خالد البري" رئيس تحرير "دوت مصر"، إذ وقف في اجتماع عام طارئ وقال إن الموقع لا يحقق مشاهدة عالية، ولذلك سيتم الاستغناء عن ٧٥ محررا بالموقع.

في الحالتين إذا، "النكتة" و"دوت مصر"، تم رصد أت هناك مشكلة، فالسيارة لا تدر دخلا، والموقع لا يحقق مشاهدة، وفي الحالتين تم اتخاذ القرار الخطأ، التخلص من السائق في "النكتة"، ومن المحررين في "دوت مصر"، ولم يدرك أصحاب القرار في الحالتين أنهم لم يخطئوا فقط في "الحل"، بل أنهم أنفسهم المشكة.

كم كان عبقريا اختيار اسم "دوت مصر"، الذي هو "تناص" مع مصطلحات الإنترنت: "دوت كوم"، "دوت أورج" . .

ولكن هناك أيضا مفارقة عبقرية في الاسم، ف"دوت" في الأصل "نقطة"، والنقطة هي جزء من "كل"، و"دوت مصر" كشركة هي في النهاية "دوت" من مصر كلها، هي "جزء" صغير يشبه "الكل" الكبير.

في "دوت مصر" تجد نموذجا ل"كل مصر"، بمزاياها وعيوبها، فمصر هبة النيل، و"دوت مصر" يطل على النيل حيث الموقع الجميل المميز كعبقرية مكان مصر على الخريطة.

وفي سكان "دوت مصر" تنوع ثقافي واجتماعي يشبه ذات التنوع في مصر.

وفي "دوت مصر" أيضا لا يوجد -كما مصر- عدالة اجتماعية، حيث التفاوت الشاسع في المرتبات، التي لا ترتبط بالضرورة بحجم الجهد المبذول، ولا تتناسب طرديا معه، فقد تعمل كثيرا بمرتب قليل، وقد لا تعمل وتتمتع بامتيازات المرتب والحظوة والمكانة.

وإذا كنا نطالب في الميادين بعدالة اجتماعية ولم نستطع تفعيل ذلك في النموذج الأصغر "دوت مصر"، فلماذا قمنا بثورة؟

وإذا كنا تتادي بحد أقصى وأدنى للأجور، فلماذا فشلنا في نموذجنا الصغير في تحقيق ما نطالب به في النموذج الأكبر "الدولة"؟

كم كان "محمد مرسي" واضحا حين قال ما معناه: "إيه يعني لما نضحي بشوية ناس عشان البلد تمشي"، في الواقع كل الأنظمة تفعل ذلك، لكن لم يكن أحد يعلنها بهذا الوضوح.

وحين صرح رئيس تحرير "دوت مصر" أن لديه أزمة في الميزانية وأن الموقع لا يحقق مشاهدة عالية، لم يتطوع بخفض راتبه -وكل الرواتب الكبيرة-لتخفيف العبء على الميزانية، ولكن فضل اللجوء لطريقة "إيه يعني لما نضحي ب٧٥ واحد"، ما دمنا نحن في النهاية "دوت" تتمثل فيها كل صفات الأصل "مصر".

فإن كانت السيارة لا تدر دخلا، والموقع لا يحقق مشاهدة، ومصر لا تقدم منتجا، فيجب أن نبحث عن السبب في كل "دوت" نعمل أو نعيش فيه.

شمعي أسعد
 
13 Feb
2015