Monday, January 03, 2011

إنى أتهم





يبذل الجميع الآن مجهوداً ضائعاً فى البحث عن المجرم الذى فجر قنبلة فى وجه الخارجين من كنيستهم بعد أن فرغوا منذ دقائق من الصلاة من أجل سلام العالم، وأقول لكل هؤلاء أننى لا أشارككم البحث لأننى ببساطة أعرف الفاعل، وحتى لا تتسع دائرة البحث أكثر مما يجب سأكون موجزا وأتهم من أراهم شاركوا أو ساهموا بشكل أو بآخر فى أن تصل الأمور إلى حد استخدام القنابل مع الآخر المختلف.

أتهم كل من صدق أكذوبة الأسيرات المسلمات، وكل من روج أن فى الكنائس أسلحة وفى الأديرة سجون.

أتهم كل وهابى لأنه مجرم بطبعه، أقصد بفكره، أتهم الإخوان لأنهم يرون فى الأفكار الوهابية أفكاراً صديقة، أتهم الفكر السلفى لأنه جعل من الشارع المصرى "قاعدة" شعبية مهيئة لتلقى أفكار القاعدة الإجرامية.

اتهم كل إمام مسجد كان يدعو قائلاً "اللهم يتم أولادهم" وأتهم الذين رددوا وراءه دعواته كالببغاوات.

أتهم كل مسلم معتدل لأنه لم يكن شجاعاً بشكل كاف ليتصدى للأفكار الوهابية التى اخترقته.

أتهم كل من حول طاقة غضب واحباطات الشارع العربى تجاهى أنا شريكه فى الوطن لمجرد أنى هدف سهل ومتاح.

أتهم البقال الذى نشترى منه اللبن والجبن والعيش الفينو لأنه لم ينهر الرجل الذى دخل يداعبه قائلاً "أنت مكشر ليه أوعى تكون زعلان على النصارى اللى ماتوا"

أتهم الشاب الذى كان راكباً مواصلة عامة ورد على تليفونه قائلاً " يا ابني دول حاولوا يدخلوا الجامع ويضربوه بالحجارة لكن احنا عندنا عيال صيع صح ولعولهم في العربيات بتاعتهم وضربوهم .. يا ابني احنا هنربيهم زي ما ربناهم في العمرانية... انا مش خايف منهم دول مرعوبين مني دول مسيحيين يا ابني"

أتهم اللذين يريدون تمييع الجريمة مرددين أن الانفجار استهدف كنيسة ومسجد متجاهلين أن دور المسجد هنا أنه كان موجوداً مصادفة أمام الكنيسة.

أتهم كل من جعل من حلم الدولة المدنية سيف على رقبة الأقباط بحيث كلما غضبوا بعد كل فاجعة صاروا هم المتهمون بالطائفية.

أتهم كل من فكر أنه حينما يقتل الأبرياء يقدم خدمة لربه متصوراً أنه يجلس فى عرشه فى انتظار كأس من الدم.

أتهم كل من ظل على مدار العام السابق للحادث يشوه صورة الأقباط حتى يفقدهم بعض التعاطف الذى نالوه بعد حادث نجع حمادى وقد حدث.

أتهم حتى هؤلاء العلمانيين الذين ركبوا موجة كاميليا وخدعونا وخدعوا أنفسهم حين رددوا أنهم يهتمون بكاميليا الإنسانة، ولم يدركوا حينها أنهم يدوسون بذلك على ملايين الأقباط الأبرياء فى ترديد أكاذيب كانت سبباً فى خلق حالة عداء ضدهم. وأريد الآن أن أصرخ فى وجههم وأسألهم: أين أنتم من كل انسان قتل، وأين انسانيتكم المزعومة؟

أتهم كل من قام بجلد الضحية ولم يوجه لوم بسيط إلى الجانى.

أتهم الدولة التى فشلت فى حمايتى بينما تأخذ منى كل مستحقاتها بلا رحمة، الأمر الذى يعد فسخاً للعقد الاجتماعى المبرم بينى وبينها.

أتهم الدولة بكل أجهزتها المخترقة من الفكر الوهابى.

أتهم حالة التراخى والتباطؤ فى حسم قضية نجع حمادى، رغم وجود الجانى والشهود والأدلة، وقبلها قضايا كثيرة تم تبرئة الجانى ومعاقبة الضحية.

أتهم أسرة زميل إبنى الصغير لأنهم جعلوه يقول لإبنى "مش هلعب معاك عشان انت مسيحى".

أتهم الجموع الغفيرة التى ثارت لأجل مروة الشربينى ولم يحرك أحد ساكناً فى حالة مماثلة للشاب كامل قلادة الذى قتل فى ألمانيا أيضاً على يد متعصب نازى بعد مروة بشهور قليلة، أتهم الازدواجية والقبلية التى لم تساو بين القتيلين ولم تجعل الثورة والغضب لأجل مقتل مصرى بغض النظر عن دينه.

يبحث الجميع عن مجرم خارجى فى المكان "الآخر" والمجتمع "الآخر" لأننا مازلنا بعد واهمون أننا شعب طيب لا يميل للعنف، وكل الذين يبحثون هم حسنو النوايا بلا شك ولكنهم فقط يخطئون فى "تكنيك البحث" لأنهم ببساطة يبحثون خارج ذواتهم.

شمعى اسعد

3 يناير 2010


المقال فى المصرى اليوم فى عمود خالد منتصر

المقال على موقع حريتنا

المقال على الأقباط متحدون