Wednesday, October 18, 2006

إيرين

مين اللى علـــــــم ضحكــــتك

ترســـــم عيــــــون متطمــنة

مين اللى علـــــــــم سكتـــــك

توصــــل لغــــــــاية قلـــــبنا

مين علمك معنى الســـــــــفر

برة الحدود الممــــــــــــــكنة

وانتى اللى كــان لحظة فراق

تســـــــــــــاوى عندك أزمنة

Wednesday, October 11, 2006

ذكريات سبتمبرية

سُئل أينشتاين ذات يوم عن نوع السلاح المتوقع استخدامه فى الحرب العالمية الثالثة فأجاب: "فى الثالثة لا أعرف أما فى الرابعة فسيكون القوس والنشاب" تذكرت هذه المقولة حينما تسمرنا أمام شاشة التليفزيون نتابع أحداث الكارثة المروعة التى وقعت فى أمريكا، وقد شعرنا جميعاً أننا فى حلم لا يمكن تصديقه، وإن كنا اختلفنا فى تفسير هذا الحلم، فبينما يراه البعض كابوساً مفزعاً، يراه البعض الآخر حلماً وردياً رقيقاً، بل كاد أحد أصدقائى يهب راقصاً وهو يشاهد مركز التجارة العالمى ينهار بينما يفر الناس من الموت مذعورين، وعندما تملكنى إحساس بالألم لم أستطع تحديد ما إذا كان سببه ما أراه فى التلفزيون، أم بسبب حالة السعادة الغامرة التى تشع من عين صديقى، وإذا كانت حالة هذا الصديق هى نفسها حالة نسبة لا بأس بها فى الشارع المصرى فمعنى ذلك أن بداخلنا مخزون من السادية ينتظر الفرصة ليعلن عن وجوده، يؤكد هذا رأى أحد المفكرين أدان فيه موقفنا المخزى أيام المجزرة البشرية التى حدثت فى روانده عندما كانت جثث القتلى المذبوحين تلقى فى نهر النيل، ورغم هذا لم تدمع أعيننا ولم نهتز أو حتى نتعاطف، فقط كان كل همنا ألا نفتح صنابير المياه فنجد قطعاً من أشلاء بشرية تندفع منها
عموماً مهما يكن موقفنا من السياسة الأمريكية، ومهما يكن تعاطفنا مع القضية الفلسطينية، ففى كل الأحوال فإن منطق الشماتة والتشفى لن يكون هو الحل بل أن كل المبادئ التى تعلمناها أفادت بأن الشماتة هى موقف ضعف وسلوك نفسى مريض
ثم ما هو الموقف العربى المشرف إزاء مشكلة فلسطين كى نقيس عليه موقف أمريكا وبالتالى نغضب منها ونشمت فى مصائبها، أليس علينا أن نسأل ماذا صنع العرب – وهم كثيرٌ – لفلسطين قبل أن نسأل ماذا صنعت أمريكا؟ وأن نعيد النظر فى حساباتنا قبل أن نطالب أمريكا بذلك، هل فعل العرب شيئاً أكثر من الندب والشجب ولطم الخدود؟ وهى أشياء صارت أكثر مللاً من أن تثير حتى السخرية والتندر
الذين دبروا هذه الهجمات غير المسبوقة عليهم أن يدركوا أن معارك من هذا النوع هى معارك "الكسبان فيها خسران"، وأن كل المكاسب المرجوة من ورائها لن تساوى حجم الخسارة التى وقعت على العالم كله لا على أمريكا فقط. فيكفى أن نعرف أن خسارة العرب وحدهم يقدرها الخبراء بنحو 40 مليار دولار، وهو رقم يكفى لتصوره أن نعرف أن المرحلة الثالثة من ضريبة المبيعات فى مصر تهدف إلى تحصيل 2 مليار جنيه ستمص من دمنا لتغطية العجز فى الموازنة العامة. هذا على المستوى الاقتصادى، أما على المستوى الانسانى، فقد أخبرنا أصدقاؤنا المقيمون فى أمريكا أنهم يعانون الأمرين منذ وقوع هذه الانفجارات، إذ ينظر الهم الأمريكان نظرة غاضبة، بل ويتحرشون بهم ويغلقون المطاعم والمحلات الخاصة بالعرب ويدمرون بعض محطات البنزين، مما دعى بوش لمحاولة تهدئتهم ومطالبته إياهم بعدم التعرض لعرب أمريكا، باختصار انقلبت حياتهم رأساً على عقب، وعلى حد تعبير إذاعة بي بي سى لم يكن تدميراً لمركز التجارة العالمى فقط بل كان تدميراً لحياة آلاف الأسر العربية، فمن إذاً الكسبان ومن الخسران
وحتى على المستوى السياسى فلا أعتقد أن كسر أنف أمريكا سيكون مكسباً خالصاً لا تقابله أية خسائر، كما أن ما يحدث فى كواليس السياسة لا يجعلك تجزم أنك تعرف على وجه اليقين "مين مع مين ومين على مين" ولعبة المصالح لا تغريك بأن تجعل من أمريكا عدواً لك إذ أنك لم تعرف بعد من هم أصدقاؤك. بل أن توقيت هذا الحدث فى حد ذاته خسارة عظيمة، إذ أننا خرجنا من مؤتمر مناهضة العنصرية فى دربان ومعنا 44 تكتلاً عالمياً من منظمات المجتمع المدنى تناصر قضية فلسطين، كما أن انسحاب أمريكا من المؤتمر وضعها فى مأزق حرج، جعلنا ننتظر بشغف لنعرف كيف ستواجه أمريكا العالم بعد ذلك، حتى جاءت الهجمات الأخيرة لتنقذها من هذا المأزق وتنقلها بقدرة قادر من دور الجانى المتعنت لدور الضحية التى يتعاطف معها الجميع
نعود لمقولة أينشتاين ونقول أن الحرب العالمية القادمة ستكون هى الحرب الأولى فى تاريخ البشرية التى لن ينتصر فيها أحد بل سينهزم الجميع، حتى الكسبان فيها خسران

كتبت فى 15 سبتمبر 2001