Wednesday, January 13, 2021

كيف استعاضت كرنفالات الموالد الشعبية عن الآلهة القديمة بالقديسين والأولياء

 

الأربعاء 11 يوليو 201812:47 م
للأولياء والقديسين مكانة كبيرة في قلوب المصريين، والموالد هي أكثر طرق التعبير الشعبي والوجداني عن تلك المكانة، حتى إنهم يخلدون سيرتهم وذكراهم في نحو 2850 مولداً، بحسب كتاب "قراءات في موسوعة المجتمع المصري" لعالم الاجتماع سيد عويس.

كرنفالات شعبية تكريماً للقديسين

 تعتبر الموالد المصرية كرنفالات شعبية، لا أصل ديني لها سوى تكريم الولي أو القديس، فهي نتاج تراكم ثقافي يمتد لمئات السنين، ولا ترتبط بالضرورة بمناسبة ميلاد الولي أو القديس كما يوحي الإسم، فيقول الدكتور فاروق أحمد مصطفى، جامعة الإسكندرية، في كتابه "الموالد: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية في مصر" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب: "الغرض الأساسي الذي تقام الموالد من أجله، هو في الواقع تكريم أصحابها وإحياء ذكراهم، بصرف النظر عن مراعاة اليوم الذي ولد فيه صاحب المولد، وذلك لأن غالبية أولئك الأولياء لم نعرف تاريخ ميلادهم على وجه الدقة، كما لم يعرف أي شيء عنهم في طفولتهم وصباهم". كما يذكر أن المسلمين يشاركون الأقباط في هذه الاحتفالات فتبدوا وكأنها احتفالات وطنية عامة. 
والموالد تعود في جذورها إلى احتفالات مصرية قديمة، ففي كتابه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان "مقدمة في الفولكلور القبطي"، يقول الباحث عصام ستاتي: "ظاهرة الموالد في مصر قديمة قدم مصر نفسها، فالاحتفال بالموالد تقليد راسخ يرجع إلى عصر الحضارة المصرية القديمة، فالموالد امتداد لاحتفالات مدن وقرى مصر القديمة بآلهتها ورمز لها، ومع مرور الزمن ودخول المسيحية ثم الإسلام إلى مصر، استعاض المصريون عن الآلهة القديمة بالقديسين والأولياء، واتخذوا منهم رموزاً للمدن والقرى وأصبحوا يتبركون بهم بوجود مقاماتهم وأضرحتهم". أما عن الموالد القبطية، فهي في أصلها إحياء ذكرى استشهاد أو نياحة (وفاة) القديس صاحب المولد، وتمتد بطول مصر وعرضها، من مولد "العذراء" بجبل درنكة بأسيوط، إلى "مار جرجس" كفرالدوار، مروراً بمولد "الست دميانة" بمنطقة براري بلقاس بالدقهلية، حتى مولد "الأنبا شنوده" بسوهاج.

طبيعة الموالد المسيحية

في العدد السادس من سلسلة كراسات قبطية التي تصدرها مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان "الموالد القبطية"، يرصد الباحث أشرف أيوب معوض، طبيعة الموالد المسيحية بعدة مظاهر، منها: 1- يتم الاحتفال بمولد القديسين في ذكرى نياحتهم، وهو اليوم الذي أتم فيه البطل جهاده، ولا يهم الكنيسة يوم الولادة، فهو يوم لا يقترن بأي بطولة أو إعجاز. 2- زفة الأيقونة: وهي أهم ما يميز الموالد المسيحية، وهذه الأيقونة صورة للقديس، وتختلف عن الصورة العادية، لأن الأيقونة لها صبغة طقسية وعقائدية، ويصلى عليها قبل وضعها في الكنيسة، ويحمل الأيقونة نفر من الشمامسة، يتقدمهم الكاهن، ويرتلون الألحان القبطية في موكب عظيم. 3- تقديم النذور والأضاحي: ومن أهم الأضاحي والنذور التي تقدم في الموالد هي الأبقار والخراف، حيث أن هناك حرصاً شديداً على إيفاء النذر إذا تحقق الأمر الذي نذر من أجله. 4- يعتبر النشاط الاقتصادي من أبرز مظاهر المولد، وذلك لأن آلاف الزوار يأتون من شتى أنحاء البلاد ويبيتون عدة ليالٍ في المولد، لذا يستلزم وجود خدمات المطاعم وتجارة المواد الغذائية، وأيضاً لعب الأطفال. 4- يعتبر النشاط الاقتصادي من أبرز مظاهر المولد، وذلك لأن آلاف الزوار يأتون من شتى أنحاء البلاد ويبيتون عدة ليالٍ في المولد، لذا يستلزم وجود خدمات المطاعم وتجارة المواد الغذائية%8 5- الوشم: يعتبر الوشم من الظواهر المنتشرة في الموالد المسيحية ويسميه العامة "الدق. 6- بائع الصور المسيحية: نلاحظ أن هناك أكشاكاً كثيرة منتشرة في أنحاء المولد لبيع الصور المسيحية، أيضاً بعض المناديل والإشاربات المطبوع عليها صور القديسين، وأيضاً حلية الصليب إذا كانت في صورة ميدالية أو صورة معدنية أو جلدية.

أشهر الموالد المسيحية

يوجد العديد من الموالد المسيحية، التي تمتد على طول خريطة البلاد، فـ"القديس" الواحد قد يكون له أكثر من مولد في مصر، مثل موالد القديسة مريم العذراء، وموالد مار جرجس، ونستعرض هنا أهم هذه الموالد.

مولد العذراء بجبل درنكة

يقام في فترة صيام العذراء من 7 - 21 أغسطس بدير العذراء بالجبل الغربى لمدينة أسيوط، الذي يقع على ارتفاع مائة متر من سطح الأرض، ويبعد عن مدينة أسيوط نحو ثمانية كيلومترات فى قرية تسمى "درنكة".  وترجع أهمية المكان لوقت زيارة العائلة المقدسة لمصر هرباً من هيرودس الملك، حيث أقامت السيدة العذراء والطفل يسوع ومعهم يوسف النجار بالمغارة التي يقال إنها كانت محجراً فرعونياً قديماً، والتي صارت أقدس مكان في الدير فيما بعد، وتعرف باسم كنسية "المغارة"، وهذا المكان أقصى مكان وصلت إليه العائلة المقدسة فى صعيد مصر، ومن الدير بدأت رحلة عودتها لأرض فلسطين، لذلك يعتبر دير السيدة العذراء بدرنكة واحدًا من أهم المزارات الدينية والسياحية بمحافظة أسيوط. توجد بدير درنكة مجموعة من الكنائس أقدمها كنيسة السيدة العذراء المغارة، وطول واجهتها 160 متراً وعمقها 60 وهي منذ نهاية القرن الأول المسيحي، وهناك كنيسة السيدة العذراء المنارة. ويقطع القادمون للاحتفال بمولد العذراء بدرنكة ثلاثة كيلومترات من غرب المدينة ثم يتوجهون إلى قرية درنكة، بعدها يسلكون طريق الجبل مسافة كيلومتر. ويزور الدير في هذه المناسبة حوالي مليوني زائر، مسيحيون ومسلمون، ومنهم زوار من جنسيات أفريقية مثل أثيوبيا والصومال والسودان، وأيضا من دول أخرى عديدة. ومن أهم مظاهر الاحتفال بمولد العذراء بقرية درنكة ما يعرف بالـ "دورة" أو "الزفة"، التي تتشكل من موكب كبير يتجمع فيه الزائرون يتقدمهم الأسقف والكهنة والشمامسة، حاملين أيقونة كبيرة للعذراء يطوفون بها حول الدير مرددين الألحان والترانيم وتماجيد العذراء، والتماجيد هي أناشيد أو مدائح تقال للقديس المحتفل به، وبعد انتهاء هذا الموكب تبدأ الصلاة اليومية الخاصة بصيام العذراء والتي تعرف باسم "نهضة العدرا". ويشهد مولد العذراء مريم بجبل درنكة بأسيوط إقبالًا من المسلمين والأقباط. كما يشارك المسلمون الأقباط في ذبح الأضاحي، وإشعال الشموع أسفل صورة السيدة العذراء تبركًا بها. ويردد كهنة دير درنكة وزوار المكان العديد من التجليات والظهورات النورانية للعذراء مريم، كانتشار أسراب الحمام وظهور هيئة نورانية بالشكل المعروف للعذراء.

مولد العذراء بجبل الطير

 يقام من 18 إلى 25 مايو، بدير العذراء بقرية جبل الطير، سمالوط المنيا، ويقع فوق الجبل شرق النيل على بعد حوالي 2 كم من نهر النيل أمام مركز سمالوط، و20 كم من مدينة المنيا. تستمد أهمية المكان أيضاً من كونه من أبرز أهم المحطات في زيارة العائلة المقدسة لمصر، حيث انتقلت العائلة المقدسة من البهنسا إلى مدينة سنوبوليس بالقرب من سمالوط الآن، ومنها عبرت النيل إلى الجانب الشرقي حيث يقع دير جبل الطير. وللمكان أسماء عديدة، منها "جبل الطير" لكثرة وجود الطيور المهاجرة من أوروبا، و"دير البكرة" حيث كان يوجد بالدير بكرة تستخدم لصعود ونزول الجبل، كما يقال إن العائلة المقدسة وهى بجوار الجبل، كادت صخرة كبيرة أن تسقط عليهم، فمد الطفل يسوع يده ومنع الصخرة من السقوط، وانطبعت كفه على الصخر فسمي أيضاً "دير الكف".    والدير عبارة عن كنيسة محفورة فى حضن الجبل، وتعود إلى القرن الرابع الميلادي، فقد بنتها الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين، إذ أعادت اكتشاف المغارة التي اختبأت فيها العائلة المقدسة وحولتها إلى كنيسة، ويتكون صحن الكنيسة المنحوت من قطعة واحدة من الصخر. وتأخد احتفالات مولد العدرا بجبل الطير طابعاً شعبياً في حضور مسيحيين ومسلمين وأيضاً زوار أجانب، فيرددون مديحة أو أنشودة "على دير العدرا وديني"، على وزن لحن "على بلد المحجوب وديني" تقول كلماتها: على دير العدرا وديني أوفي ندري والرب راعيني يا مراكبي وديني للعدرا وأعطيك من ندري شمعة توضعها فى بيتك بركة على دير العدرا وديني أمدح فيكي يا أم يسوع يا شفيعة لكل الجموع ومكانك على جبل مرفوع على دير العدرا وديني يا شفيعة فوق الشهدا يا منيعة من زارك يصفى من يزورك ربك أعطاه على دير العدرا وديني ومن أشهر المدائح الشعبية عن السيدة العذراء مديحة "رشوا الورد" تقول كلماتها: رشوا الورد يا صبايا رشوا الورد مع الياسمين رشوا الورد وصلوا معايا العذراء زمانها جاية يا موالي ساعدوني فى مديح مريم دعوني وأنشد الأوزان مغرم فى البتول نور العيون أسمعوا يا أهل فنى وأعزلوا العزال عني حب مريم قد فتني دع يقولوا ده جنون مدحك كالشهد وأحلى للعلا قد صار أعلى قيل جوهر قلت أغلى مايعادله بنون وأيضاً ترنيمة عن دخول العائلة المقدسة أرض مصر، ترنيمة "يا مصر يا بختك يا هناكي" تقول: يامصر يا بختك يا هناكي بالطفل يسوع لما جاكي إداكي البركة السماوية يا مصر يا بختك يا هناكي وترتبط الموالد لدى الأقباط بإيفاء النذور، وذبح الأضاحي، ودق وشم الصليب على المعصم اليمين، وتُستخدم في عمل الوشم آلة صغيرة بحجم كف اليد تعمل بالكهرباء.

مولد القديسة دميانة ببراري بلقاس

 يقام في الفترة من 13 - 20 مايو، بدير القديسة دميانة غرب فرع دمياط للنيل في محافظة الدقهلية، على مسافة حوالي 12 كم شمال بلقاس، في منطقة تسمى براري بلقاس، وتسمية المنطقة بالبراري ترجع إلى أن أجزاء كبيرة من هذه المنطقة كانت خالية من الزراعة. ومولد القديسة دميانة هو احتفال بذكرى تدشين كنيستها، وهي المكان الذي استشهدت فيه مع الأربعين عذراء، وتعود قصتها إلى عهد الملك دقلديانوس، أشهر من حارب المسيحيين واضطهدهم، وكانت دميانة العذراء الابنة الوحيدة لمرقس والي البرلس والزعفران، يحكى عنها أنها لما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد والدها أن يزوجها فرفضت، وأعلمته أنها قد نذرت نفسها لله.
يعرف عن أهل مصر حبّهم للقديسيين والأولياء الذين يخلدون سيرتهم وذكراهم في نحو 2850 مولداً
"يامصر يا بختك يا هناكي بالطفل يسوع لما جاكي" من ترنيمة دخول العائلة المقدسة إلى مصر
ولما قبل والدها ذلك طلبت منه أن يبني لها مسكناً تتعبد فيه هي وصاحباتها، فاستجاب وبنى لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، كن يقضين أغلب أوقاتهن في الصلاة ومطالعة الكتاب المقدس. وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك، وأحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان. فامتنع أولاً، غير أنه بعد أن لاطفه الملك انصاع لأمره وسجد للأوثان خوفًا على ابنته ومنصبه. ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت دميانة ابنته بما عمله والدها، أسرعت إليه وعنفته على ما فعل حتى تأثر مرقس من كلام ابنته وبكى بكاء مراً، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح، ولما عجز الملك عن إقناعه أمر بقطع رأسه. ولما علم دقلديانوس أن الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته، أرسل إليها أميراً، وأمره أن يلاطفها أولاً، وإن لم تطعه يقطع رأسها، فذهب إليها الأمير ومعه مئة جندي، ولما وصل إلى بيتها دخل إليها وقال لها: أنا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناء على أمره أن تسجدي لآلهته، لينعم لك بما تريدين، لكنها رفضت بشكل قاطع ووبخت عبادة الأوثان، فغضب الأمير وأمر أن توضع بين هنبازين وأن يتولي أربعة جنود عصرها فجرى دمها علي الأرض. وكانت العذارى واقفات يبكين عليها، ولما أودعوها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها فشفيت من جميع جراحاتها، وتفنن الأمير في تعذيب القديسة دميانة، تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها في شحم وزيت مغلي، وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة، ولما رأى الأمير أن جميع محاولاته فشلت أمام ثباتها أمر بقطع رأسها هي وجميع من معها من العذارى. بعد استشهاد القديسة دميانة مع العذارى دُفنت أجسادهن في المكان الذي تعبدت فيه، إلى أن جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين في القرن الرابع الميلادي، وبنت مقبرة خاصة بهن وكنيسة على هذه المقبرة، ثم طلبت من القديس ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر (313-326م) تدشين هذه الكنيسة. يتوافد آلاف المواطنين المسيحيين على دير القديسة دميانة في براري بلقاس بالدقهلية، لحضور عيد تكريسها السنوي، ويأتي أيضاً كثير من المسلمين لحضور المولد والتبرك بالقديسة، حيث تنصب الخيام حول الكنيسة لمبيت الزوار، وينتشر باعة الهدايا والتذكارات الدينية وباعة الحمص والحلاوة ولعب الأطفال. وتتنوع مظاهر الاحتفال ما بين "زفة الأيقونة" أو صورة القديسة دميانة التي يطوف بها الكهنة والشمامسة مرددين الألحان والصلوات والسهرات والتجمعات التي ينشد فيها الزوار الترانيم والمدائح لدميانة، ويردد الجموع كثيراً من الأغاني بالطبول والزغاريد، منها: ست دميانة يا شهيدة يا طاهرة اليوم جاينلك بزيارة مباركة جايين نزورك نتملى بنورك عايزين يا ستي شفاعتك ويانا في قصر عالي فوق في البراري ويا أربعين قديسة عيشتى فرحانة سهرانة بتصلى للرب تملي جه عدو الخير يحاربك معركة خسرانة طلب أبوكي يجوزوكي رفضتي يا طاهرة وقولتي عريسى إللى فداني

مولد الأنبا شنوده رئيس المتوحدين بسوهاج

 يبدأ يوم 14 يوليو حتى أوائل أغسطس، حيث يتم الاحتفال بذكرى نياحة القديس، في الدير الأبيض بمنطقة أخميم التابعة لمحافظة سوهاج.  دير الأنبا شنودة ويقع دير الأنبا شنودة غرب مدينة سوهاج على بعد 8 كم، وقد اُستخدم فى بنائه الحجر الأبيض، لذلك يسمى بالدير الأبيض، وتم إنشاؤه عام 440 م، وهو من أهم المعالم الأثرية بمحافظة سوهاج وصعيد مصر، ويأتي إليه الأقباط والمسلمون. يقول الباحث اشرف أيوب معوض في كتابه "الموالد القبطية": ولد الطفل شنودة في قرية "شتلالا" بالقرب من أخميم سنة 333 ميلادية، وكبر القديس وترهبن، وكان لا يأكل إلا عند غروب كل يوم، ولا يتناول إلا القليل جداً، وطعامه كان الخبز والملح والماء، وفي صوم الأربعين المقدسة كان يقتات بالنباتات فقط، وذكر عنه المقريزي: "أنه مراراً كان يطوي الأربعين المقدسة، ولتقشفه الزائد وضعف جسده التصق جلده بعظمه، ومرة في أسبوع الآلام ربط نفسه على صليب تشبهاً بالسيد المسيح، وكان يصلي كثيراً بدموع غزيرة وتوسلات لأجل جميع الناس خصوصاً الخُطاة، وينام قليلاً من الليل". ويعتبر الأنبا "شنوده" من أوائل الأقباط الذين طالبوا بالعودة للثقافة المصرية في مواجهة الغزو الثقافي والديني للاحتلال البيزنطي، وفتح الأديرة لكل المصريين، ولقب بـ"عميد الأدب القبطي"، ولقب أيضاً بـ"أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين، الذي اشتهر به، لأنه كان يمارس حياة الوحدة من حين إلي آخر. ومثل كل الموالد القبطية "زفَّة الأيقونة" هي أهم المظاهر المميزة، حيث يتقدم الأسقف أو كبير الكهنة حاملاً "أيقونة القديس الأنبا شنودة"، وخلفه مجموعة كبيرة من الشمامسة يحملون الصلبان، ويخرج الموكب من كنيسة الدير ويطوفون وسط الألحان القبطية بآلات الموسيقى الكنسية.

مولد الأنبا برسوم العريان

يقام في الفترة من 9 - 27 سبتمبر، في دير القديس برسوم العريان في المعصرة قرب حلوان بالقاهرة.  دير القديس برسوم العريان والأنبا برسوم هو قديس مصري وُلد عام ١٢٥٧م، وكان والده يعمل كاتباً للملكة شجرة، وبعد وفاة والديه عاش متوحداً في كنيسة مرقوريوس بمصر القديمة، وقبض عليه في فترة اضطهاد تعرض لها المسيحيون، وبعد خروجه ذهب ليكمل نسكه ووحدته في دير المعصرة الذي يقام فيه الاحتفال حالياً، وقد عاش القديس في حياة نسكية جادة مع صلوات وسجود بلا انقطاع، يرتدي قطعة صغيرة من الصوف، في الصيف والشتاء، ولهذا أطلق عليه اسم "العريان".  وتقام خلال فترة الاحتفال أو المولد نهضة روحية وهي عبارة عن صلوات يومية يتخللها تماجيد للقديس وتنتهي بعظة يلقيها أحد الآباء الكهنة، وتتخللها أيضاً "زفة الأيقونة" التي تطوف بصورته الكنيسة وأرجاء الدير. كما يقام خلال المولد معرض لجميع مشغولات الدير، من ملابس وأعمال يدوية، وسجاجيد ومفروشات، ولعب أطفال، وتقدم أحياناً بعض العروض المسرحية والترفيهية.  يصف الباحث عصام ستاتي مولد الأنبار برسوم في كتابه "مقدمة فى الفولكلور القبطي" قائلاً: يسود جو من التسامح الديني، فنجد المسلمين يشيرون لمار برسوم العريان بـ"سيدي محمد البرسوم" أو بـ"سيدي البرسومي" أو بـ"سيدي العريان". ولأن للقديس قصة شهيرة مع ثعبان استطاع بالصلاة أن يروضه ويعيش معه في المغارة سنوات طويلة، لذلك يربط المسلمون كما يذكر عصام ستاتي بينه وبين بعض الأولياء، وبينه وبين الرفاعي في مسألة التعامل والتعايش مع الأفاعي، فنجد الهتاف المتكرر "عم يا عريان يا طب التعبان" و"عم يا رفاعي يا طب الأفاعي".

مولد مار جرجس ميت دمسيس

 يبدأ في 22 أغسطس ويستمر 10 أيام، في قرية ميت دمسيس بمركز أجا بالدقهلية. وهو احتفال بعيد استشهاد "مار جرجس"، كما يقام في نفس القرية في أغسطس أيضاً مولد الشهيد محمد بن أبى بكر الصديق، لذلك يحدث رواج اقتصادي للقرية خلال هذه الفترة. ومثل كل الموالد تقدم الأضحية وتوفى النذور، وينتشر باعة الحمص والهدايا التذكارية، والملابس المطبوع عليها صور الشهداء والقديسين، كما يوجد باعة يبيعون الجبن القريش والسمن البلدى والفطير، بجانب دق الصليب والوشم، ويكثر أيضاً الزوار المسلمون الذين يحرصون على حضور مولد مار جرجس. ويوجد باعة مسلمون يبيعون الصلبان والهدايا. ومار جرجس هو أشهر قديس في مصر، وله شهرة كبيرة في دول كثيرة في العالم، وصورته الشهيرة يظهر فيها كمحارب يقتل التنين رمز الشر من فوق حصانه. 

المقال على رصيف22


المراجع: 
  • كتاب "قراءات في موسوعة المجتمع المصري" لعالم الاجتماع سيد عويس
  • كتاب "الموالد: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية في مصر" للدكتور فاروق أحمد مصطفى، جامعة الإسكندرية، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب
  • كتاب "مقدمة في الفولكلور القبطي"، للباحث عصام ستاتي، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة
  • العدد السادس من سلسلة كراسات قبطية التي تصدرها مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان "الموالد القبطية"، للباحث أشرف أيوب معوض.



Wednesday, January 06, 2021

كيف كانت فلسطين وقت ميلاد المسيح

كان العام 63 ق.م في القدس فاصلاً بين تاريخين، بعدما زحف فيه القائد الروماني «بومبي» (106-48 ق.م) ليستولي على أورشليم «بيت المقدس»، ليبدأ تاريخ الحُكم الروماني لفلسطين، بعد أن كانت تابعة للدولة السلوقية إحدى وريثات إمبراطورية الإسكندر الأكبر، والتي تم تقسيمها بعد وفاته على عدد من قادته[1]، منهم سليوقس الأول مؤسس الدولة السلوقية التي ضمّت مساحات شاسعة في الشام وآسيا الصغرى، وبطلميوس الأول «سوتير» مؤسس الدولة البطلمية التي كانت مصر من نصيبها، بجانب ساحل شمال أفريقيا وجُزر البحر المتوسط.

حين دخل الرومان فلسطين وجدوا حالة حضارية نادرة؛ فقد كان سكان القدس في بداية الفترة الرومانية خليطًا من اليهود والإغريق والسوريين والعرب والمصريين، وكانوا يتحدّثون بلغاتٍ مختلفة، وإن كان أكثر السكان يتحدث اللغة الآرامية التي كانت في ذلك الوقت لغة التخاطب في كثير من أقاليم غربي آسيا.

شغلت فلسطين مكانة خاصة بين ممتلكات روما في الشرق، فهي همزة الوصل بين دُرتي المملكة الرومانية في الشرق؛ مصر وسوريا، لهذا ألزمت السياسة الرومانية فلسطين بأن تكون هادئة دائمًا كيلا تُصدِّر أي مُشكلات لجارتيها، لذا جعلها بومبي جزءًا من مقاطعة سوريا الرومانية، لكنه منحها حق الإدارة الذاتية، وعين الرومان أنتيباتر الأدومي Antipater the Idumaeanحاكمًا لها، ثم في سنة 37 ق.م خلفه ابنه هيرودس (73-4 ق.م) الملقب بهيرودس الكبير Herod the Great، وهو أدومي الأصل، وحكم لأكثر من 30 عاما، واتخذ لنفسه لقب ملك اليهود، وفي فترة حكمه كان حليفًا وثيقًا للرومان.

حاكم طاغية ومجنون

كان هيرودس طاغية مستبدًا، ثريًا وقويًا، ويُعاني من جنون العظمة، قمع بقسوة كل بادرة من بوادر السخط وقتل كل خصم محتمل له، وهو أيضًا مَن تُنسب له واقعة قتل كل أطفال بيت لحم الذكور وقت ميلاد المسيح، وفقًا لما ذُكِرَ في الأناجيل، كما قتل كثيرًا من الناس، ومنهم زوجته وثلاثة من أبنائه، ومع ذلك حظي هيرودس بدعم الإمبراطور الروماني «أغسطس قيصر Augustus Caesar»؛ ربما لأنه كان جلادًا استطاع أن يرغم الشعب على الإذعان للاحتلال، كما فرض على السكان ضرائب ثقيلة، وفي المقابل اهتمَّ هيرودس بالجانب المعماري لبلاده؛ فبنَى المسارح، والحمامات العامة، والقصور الملكية، كما بدأ في ترميم معبد أورشليم وتزيينه.

هيرودس الكبير حاكم فلسطين وقت ولادة المسيح
هيرودس الكبير حاكم فلسطين وقت ولادة المسيح

عرفت فلسطين في زمن هیرودوس السخط الشديد ضد التبعية لروما، وحدث مرة رفض فيها الناس علانية تنفيذ أوامر هيرودس بعدما امتنع 6 آلاف من أتباع التيار الفريسي، وهم طائفة يهودية متشددة سأتحدّث عنهم بشكلٍ مفصّل لاحقًا، عن تأدية يمين الولاء لهيرودوس وأغسطس فأعدم عددًا كبيرًا منهم، وفي العام 4ق.م مات هيرودس، وكان موته إيذانا باشتعال انتفاضة مسلحة في الجليل أولاً، ثم جنوبي فلسطين.

وهنا يجب التأكيد على أن ميلاد يسوع الحقيقي كان قبل بدء التقويم الميلادي الذي نعرفه اليوم بفترة تتراوح مدتها من أربع إلى سبع سنوات، فقد وُلِد المسيح في آخر عهد هيرودس، الذي كان يقترب من السبعين عامًا حينها، لذلك لا عجب في معرفة أن هيرودس مات سنة 4 قبل الميلاد، رغم أنه عاصر المسيح طفلاً.

هذا الخطأ في التقويم كان سببه فرق حساب سنة ميلاد المسيح، بعدما افترض الراهب الإيطالي ديونيسيوس إكسيجونوس Dionysius Exiguus أن السيد المسيح وُلِدَ عام 754 لتأسيس مدينة روما، ثم لاحظ لاحقًا بعض المؤرخين، مثل المؤرخ اليهودي يوسيفوس، أن المسيح ولد حوالي عام 750 لتأسيس مدينة روما، ورغم اكتشاف هذا الخطا إلا أنه كان من المستحيل تصحيحه حتى لا يُسبِّب ذلك ارتباكًا كبيرًا في تواريخ الأحداث التي سُجلت لاحقًا.

وفي فلسطين، حينها، كانت السامرة منطقة متميزة، وكانت عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية، والسامريون فرقة يهودية صغيرة جدًا تقول إن جبل جرزيم المجاور لنابلس هو المكان المقدس والقبلة الحقيقية لليهود وليس القدس، ولهذا سادت بين اليهود والسامريين عداوةً كبيرة، حتى أن السيد المسيح حين أراد أن يُعلّم اليهود التسامح ومحبة القريب، سألوه مَن هو القريب فضرب لهم مثلاً بـ«السامري الصالح» الذي لم تمنعه العداوة من فِعل الخير مع اليهودي المصاب، في إشارة واضحة لمدى تأصُّل العداوة بينهما.

اليهود في زمن المسيح

بسبب الاحتلال الروماني لفلسطين، ظهرت في القرن الأول قبل الميلاد حركة «الزيلوتيين»، أي «الغيوريون»، وهي حركة راديكالية هدفت إلى التخلص من احتلال الرومان، وكان داخل هذه الحركة جناحًا مسلحًا يُسمَّى «السيكاريون Sicarii»، أي حاملي الخناجر، لأنهم لجأوا إلى مقاومة الرومان متبعين أسلوب الاغتيالات الفردية بِاستخدام الخناجر. وكان هؤلاء الزيلوتيون ينتمون إلى الشريحة المهمشة من سكان فلسطين.

وبجانب هذه الحركة أو الجماعة السياسية المقاومة للرومان، كان هناك جماعات وتيارات دينية يهودية أخرى مثل:

الهيرودسيون: كانوا على النقيض من الزيلوتيين، فقد كانوا في ولاء شديد لهيرودس، وكانوا يبذلون جهودًا لإقناع الشعب بموالاة الرومان ودفع الجزية لقيصر.

الفريسيون: فريسي أي «مفرز»، فهم كانوا يعتبرون أنفسهم «مفروزين» عن الشعب، وهم فئة تضم كهنة وعلمانيين، كان لهم نفوذ قوي على عامة الناس، وكان هدفهم الأساسي هو حفظ وحماية الناموس، وذلك بصنع قوانين أكثر صرامة من الناموس نفسه، وكانوا يؤمنون بقيامة الموتى والحياة بعد الموت ووجود الملائكة والشياطين، قدِّر عددهم بـ6 آلاف فرد في زمن هيرودس.

الصدوقيون: هم الطبقة الأرستقراطية بين اليهود، وكان رؤساء الكهنة منهم، وعملهم هو المحافظة على الهيكل والضرائب ومراقبة الخزائن، وكانوا لا يؤمنون بالقيامة ولا الأرواح ولا الملائكة.

وأخيرًا، الكتبة: هم كتبة الشريعة ومفسروها، وهم خبراء الناموس، وعملهم كان مكملاً لعمل الفريسيين.

وبجانب كل هؤلاء كان هناك عامة السكان في فلسطين الذين لا ينتمون لأيٍّ من الطوائف المذكورة أعلاه، ومنهم كان معظم أتباع يسوع.

فلسطين وقت الميلاد

خريطة فلسطين زمن السيد المسيح

سادت في البلاد حالة من التذمر، بسبب كثرة الضرائب التي فرضتها الإمبراطورية الرومانية على الأهالي، وقامت قبل ميلاد المسيح مباشرة، بأيامٍ قليلة، ثورة مناهضة للاحتلال، قادها شخص يُدعَى يهوذا الجليلي بعد الاكتتاب الشهير، وهو التعداد السكاني، الذي تمَّ فيما بين عامي 7-4 ق.م حين أصدر أغسطس قيصر أوامره بالإحصاء العام.

ظنَّ أهل فلسطين أن هذا الإحصاء ستتبعه ضرائب جديدة فأحجموا عن المشاركة فيه بفاعلية، كما رفضوا أيضًا عبادة الإمبراطور التي حاول الرومان فرضها عليهم، فاشتعلت في فلسطين ثورة كبيرة قتل فيها الآلاف من المحتجين[2].

تخوف الشعب الفلسطيني من كثرة الضرائب الرومانية وتنظيمه الثورات ضدها خلق حالة من التوجس لديهم تجاه أي رسوم مالية يُقدِّمونها إلى روما، وهي الحالة التي استغلّها الفريسيون، وحاولوا بها اقتناص خطأ للسيد المسيح، من خلال سؤاله أمام الناس عن موقفه من تلك الضرائب، فنقرأ في إنجيل متى:

حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة، فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين: «يا معلم، نعلم أنك صادق وتعلم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحد، لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس، فقل لنا: ماذا تظن؟ أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟» فعلم يسوع خبثهم وقال: «لماذا تجربونني يا مراؤون؟ أروني معاملة الجزية»، فقدموا له دينارا، فقال لهم: «لمن هذه الصورة والكتابة؟» قالوا له: «لقيصر» فقال لهم: «أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله» فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا.

كم مسيحًا قبل المسيح؟

المسيح في الفكر اليهودي هو الممسوح بالزيت المبارك، وهو طقس المباركة أو النذر، حيث ينذر الشخص الممسوح لهداية الناس، فيصبح مسيحا، وكان الأحبار والأنبياء يُسمَّون من أجل هذا مسحاء الله، وتنهى التوراة عن المساس بهم كما جاء في الإصحاح السادس عشر من سفر أخبار الأيام الأول: «لا تمسوا مسحائي، ولا تُؤذوا أنبيائي»، وكان ملوك اليهود أيضا يمسحون ويأخذون ذات اللقب «مسيح».

أما المسيح المخلص، فكان الإيمان به على أشده في الفكر اليهودي خلال هذه الفترة، وكان اليهود في انتظار المسيح المخلص الموعود، وفقًا لنبوات العهد القديم، وفي سبيل ذلك، كانوا في حالة ترقب دائم لظهور أنبياء بينهم، ولا يعتبرون ظهورهم أمرًا غريبًا، وأسفار العهد القديم تمتلئ بنبوات كثيرة تعد بقدوم المسيح أو المسيا الذي يخلص الشعب، وكانت له صور كثيرة في أذهانهم، منها أنهم تخيلوه ملكًا تخضع له الملوك، وتدين الأمم لسلطانه، وكثيرًا ما كانت تجوب دروب فلسطين وطرقاتها أعداد من الدعاة والواعظين يُبشِّرون بقرب مجيء (المسيا – المخلص: مسيح الرب)، كما تجاسَر البعض وأعلن أكثر من واحدٍ أنه هو المسيح المنتظر، وأن مياه نهر الأردن تنشق أمامه، ومن يتبعه ينال الخلاص، دون أن تُحقِّق هذه الدعوات زخمًا يُذكر.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه لم يكن في ذلك ثمة تصورات واحدة عن شخصية مسيح الرب ودوره، فقد تخيلوه إما قائدًا عسكريًّا ظافرًا، أو ملكًا من سلالة داود، وإما «ابن الإنسان» مرسلاً من فوق، كما جاء في سفر النبي دانيال، وهو الذي يعني مجيئه نهاية هذا الجيل، وقيام يوم الحساب الإلهي، الذي يتلوه «سماء جديدة وأرض جيدة» وكان هذا التصور عن المسيا، هو الأكثر شيوعًا في القرن الميلادي الأول في الأوساط الشعبية الفلسطينية[3].

الحياة في الجليل

في هذه الأجواء الصاخبة، عاشت عائلة يسوع، المكونة من أمه مريم ويوسف النجار خطيبها، في مدينة الناصرة، في مقاطعة الجليل، وكانت قرية صغيرة تراوح عدد سكانها بين 100 و200 فرد، وهو عدد بالغ الضآلة إذا ما قُورن بسكان القدس الذين اقترب عددهم حينها من 25 ألف نسمة. معنى الجليل «الدائرة». وفي هذا الوقت كانت الجليل جزءًا من أقاليم الشاطئ الشمالية التي عُرفت في التاريخ القديم، أي زمن العهد القديم، بِاسم كنعان، وقد أطلق عليها اليونان اسم «فينيقية».

اشتهرت كنعان قديمًا بالموانئ الجيدة لوقوعها على طريق التجارة من البحر الأبيض إلى خليج فارس إلى أقصى المشرق، ومنها موانئ صيدا وصور وحيفا، ولذلك كانت الجليل مليئة دائمًا بالسياح، وتوثقت صلاتها بجميع الحضارات الإنسانية، وراجت فيها الصناعات والمعارف العلمية والنظرية، ولا سيما المعارف التي لها علاقة بالملاحة كفن بناء السفن، ورصد الكواكب، والكتابة، حتى أن تجار الفينيقيين وملَّاحيهم هم الذين نشروا الأبجدية في بلاد البحر المتوسط، ومنها انتقلت إلى سائر الأمم الأوروبية.

وبسبب هذه الطبيعة الخاصة لمنطقة الجليل، كان اليهود المقيمون فيها يختلفون في عاداتهم وطباعهم عن باقي اليهود، وسبَّب هذا كراهية متبادلة بينهم وبين باقي أبناء ملتهم في عموم فلسطين، وهذا سبب المقولة التي جاءت على لسان أحد تلاميذ المسيح قبل إيمانه في إنجيل يوحنا، والتي استنكر فيها ظهور المسيح في الناصرة، قائلاً: »أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟».

إلى بيت لحم

هي قرية صغيرة تبعد عدة كيلومرات عن أورشليم، وكان حولها مراع شاسعة يسرح فيها الرعاة بأغنامهم، ومعنى الاسم بالعبرية «بيت الخبز»، وفيها حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء الذين قتلهم هيرودس الملك، حين أخبره المجوس أن النجوم تشير إلى أن ملك اليهود المنتظر قد ولد بها.

وقبل وقت الميلاد بعدة أيام ذهب يوسف النجار ومعه مريم إلى مدينة بيت لحم، حيث الجذور العائلية القديمة، بغرض المشاركة في الاكتتاب، المشار إليه سابقًا في عهد أغسطس قيصر، والذي كان يجري في كل أجزاء الإمبراطورية، وكما يذكر إنجيل لوقا: »وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد«، فهناك إذن في بيت لحم، أرض الجذور، ولدت مريم يسوع، وكان الميلاد الذي غيّر وجه الكُرة الأرضية، ويحتفل البشر بمناسبته كل عام.

فسيفساء بيزنطية من العصور الوسطى تصور ماري ويوسف يسجلان في التعداد السكاني
فسيفساء بيزنطية من العصور الوسطى تصور ماري ويوسف يسجلان في التعداد السكاني
المراجع
  1. مصر من الإسكندر الاكبر إلى الفتح الإسلامي،  دكتور مصطفى العبادى
  2. حياة المسيح، عباس محمود العقاد
  3. المسيحيون الأوائل والإمبراطورية الرومانية – خفايا القرون، تأليف: إ. س. سفينسيسكايا، ترجمة: حسان مخائيل إسحق
  4. الشرق الادنى في العصرين الهللينيستى والرومانى، دكتور أبو اليسر فرح

  5. تاريخ الرومان، الجزء الثاني، دكتور إبراهيم نصحي

المقال على موقع اضاءات

Tuesday, January 02, 2018

هل ولد المسيح قبل الميلاد؟!


في ديسمبر تنتشر أشجار الكريسماس المزينة فتملأ العالم بهجة، وينتهي باحتفالات بداية عام ميلادي جديد، وبين ديسمبر ويناير يحتفل المسيحيون بأعياد ميلاد المسيح، فللغرب عيد في 25 ديسمبر، وللشرق عيد فى 7 يناير.
البداية:
لم يكن هناك يوما محددا للاحتفال بميلاد المسيح، ولكن في مجمع نيقية -أول مجمع مسكوني- عام 325م، وهو بلغة هذه الأيام مؤتمر عالمي لمناقشة شئون الكنائس وأمور العقيدة، اتفق المجتمعون الممثلون لكافة كنائس الغرب والشرق أن يكون عيد ميلاد المسيح هو يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر، وكان سبب اختيار هذا اليوم أن يكون عيد ميلاد المسيح في أطول ليلة وأقصر نهار، والتي يبدأ بعدها الليل في النقصان والنهار في الزيادة، ليعبر ذلك عن مقولة يوحنا المعمدان عن المسيح: "ينبغي أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وأني أنا أنقص" كما جاء في إنجيل يوحنا، حيث يؤمن المسيحيون أن المسيح هو نور العالم، لا يعني هذا إقرار بأن المسيح ولد فعليا في مثل ذلك اليوم، ولكنه مجرد اتفاق على يوم له دلالة فلكية تناسب معنى رمزيا، فالإنجيل نفسه لم يذكر يوما ولا حتى تقريبيا لميلاده، وبشكل عام كل ما يخص المسيح من أحداث تم وضع تاريخها التذكاري على وجه التقريب.
لماذا اختلف الاحتفال بعيد ميلاد المسيح بين الشرق والغرب؟
بمرور السنين، تحديدا فى عام 1582م، لاحظ العلماء (الفلكيان ليليوس وكلفيوس) أن 25 ديسمبر لم يعد يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، وبتقصي السبب وجدوا أن هناك خطأ في حساب طول السنة حسب التقويم اليولياني، إذ كانت تحسب على أنها 365 يوما و6 ساعات، ثم اكتشفوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي أقل من طول السنة حسب التقويم اليولياني، وبتجميع الفارق من مجمع نيقية 325م حتى 1582م كان حوالي عشرة أيام، فأمر البابا غريغوريوس -بابا روما- بحذفهم من التقويم الميلادي (اليولياني) حتى يقع 25 ديسمبر في موقعه الفلكي كما كان أيام مجمع نيقية، واتخذ هذا القرار في إيطاليا يوم 5 أكتوبر 1582م فكان اليوم التالي مباشرة هو 15 أكتوبر، وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغوري.
وبحساب الفرق بين التقويم اليولياني المعمول به، ودورة الأرض الفعلية حول الشمس وهو 11 دقيقة و14 ثانية، وجد أن هذا الفرق يصنع ثلاث أيام كل 400 سنة تقريبا، يعني هذا حذف هذه الأيام الثلاث كل 400 سنة ليظل 25 ديسمبر في موقعه الفلكي، ليكون عيد الميلاد دائما في أطول ليلة وأقصر نهار، حتى وصل الفارق في يومنا هذا إلى 13 يوما.
والطريف أنه قبل احتلال الإنجليز لمصر، لم يكن التقويم الغريغوري معمولا به في مصر، فكان عيد الميلاد كما هو يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي، الذي كان يوافق يوم 25 ديسمبر بالتقويم اليولياني، بينما كانوا في الغرب يحتفلون به يوم 25 ديسمبر أيضا ولكن بالتوقيت الغريغوري، بفارق 13 يوما بين التقويمين، حتى نقل إلينا الإنجليز التقويم المعدل، مع بقاء احتفال الكنيسة القبطية بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي، فصار هذا اليوم يوافق 7 يناير.
التقويم الميلادي:
هو نفسه التقويم الروماني نسبة إلى روميلوس مؤسس روما، حيث بدأ بالسنة التي تأسست فيها مدينة روما، وتغير اسمه على يد الراهب الإيطالي ديونيسيوس أكسيجونوس، الذي نادى بأن يكون ميلاد المسيح تاريخا فاصلا بين الأحداث الواقعة قبله وبعده، كان ذلك في القرن السادس الميلادي الذي كان وقتها بالتقويم الروماني العام 1286 لتأسيس روما، وبحسابات ديونيسيوس وجد أن المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما، فصار العام 532 بالتقويم الميلادي الجديد بدلا من 1286 بالتقويم الروماني، هو بداية استخدام التقويم الميلادي.
هل ولد المسيح قبل الميلاد؟!
- اكتشف المؤرخون مثل: المؤرخ اليهودي يوسيفوس وبعض المؤرخين القدامى مثل سافيروس سالبيشيوس، ونيكونورس كاليستوس، أن المسيح ولد حوالي عام 750 لتأسيس مدينة روما، وليس عام 754 كما ذكر ديونيسيوس، وكان من الصعب تعديل التقويم لانتشاره في العالم كله، فبقي الحال على ما هو عليه، ما يعني ذلك أن المسيح مولودا في عام 4 ق.م على وجه التقريب يقل أو يزيد بضعة أشهر.
- ولد المسيح قبل موت هيرودس الملك بوقت قليل، وقد مات هيرودس في 4 ق.م وفقا لعدة روايات، فتصبح ولادة المسيح وفقا لهذا قبل سنة 4 ق.م، وهذا الاستنتاج قريب إلى حد كبير مع الدليل السابق، ولمعرفة تفاصيل أكثر أنصح بقراءة هذا البحث.
الإجابة:
نعم، ولد المسيح قبل الميلاد.
شمعي أسعد
يناير 2018

مراجع المقال:
·      https://st-takla.org/FAQ-Questions-VS-Answers/04-Questions-Related-to-Spiritual-Issues__Ro7eyat-3amma/001-Christmas-Date-7-January-or-25-December.html
·      https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D9%85_%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A
·      https://www.linga.org/varities-articles/MTE0OA==
·      http://www.copts-united.com/C_U/Branches_CPTS/Egyptian_Studies//Egy_Art/00-2007/01/Anaba_Ibraam_070107.htm
·      https://coptic-treasures.com/wp/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%B2-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B3-%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83/4/
·      http://www.stmarkos.org/holybible/Read/saneksar/04-Keyahk/29-Keyahk.htm
·      https://drghaly.com/articles/display/13844


Friday, December 08, 2017

كنت جاى وناوى اقولك


من يومين

كنت جاى وناوى اقولك
 حط بإيديك النهاية

وانسى أى حكاية بينا
 هو أصلا فيه حكاية؟

كنت جاى وناوى اقولك
 إنت قاصد م البداية

تمشى بيا سكة تانية
 تبقى فيها مش معايا

يبقى عمرى وشوقى ليك
 هم أبطال الرواية

يبقى حبك ليا فاتر
واهتمامك
 مش كفاية

واشتياقك ليا كاذب
 بس سبته يعيش معايا

Wednesday, November 29, 2017

رسالة إلى وزير التعليم وكل من يهتم بالتعليم في مصر وكل من يطالب بتجديد الخطاب الديني

على الرغم أن مادة الدراسات هي مادة تخص الدراسات الجغرافية والتاريخية، لكن منهج الدراسات الاجتماعية للصف الثاني الإعدادي في الفصل الدراسي الأول هو منهج ديني في المقام الأول وليس تاريخا، ومكتوب بعاطفة دينية واضحة وبتعبيرات إيمانية تخص المسلم فقط، مثل أن يكتب "صلى الله عليه وسلم" كلما كتب اسم الرسول، بل وفيه من المعلومات ما يتعارض تماما مع الدين  المسيحي، وبالتالي يكون من الصعب على تلاميذ المرحلة الإعدادية ممن ينتمون للعقيدة المسيحية تقبل هذه المعلومات، لإنهم في دينهم المسيحي يتعلمون ما هو غير ذلك، فهل هذا أمرا تربويا أن نجبر طفلا أو صبيا على تعلم معلومتين متعارضتين وبعلمه ورضاه؟ وهل من العدل أن تكون الدروس المقررة على الجميع مفهومة وواضحة للطالب المسلم ومربكة ومحيرة للطالب المسيحي، ألم يكن من الأفضل أن يكون هذا الدرس أو الوحدة او المنهج في مادة التربية الدينية الإسلامية، فتكون الأمور أكثر عدلا وإنصافا، مثلما يحدث في المدارس التي أسسها رهبان مسيحيين، حيث لا يتعرض الطفل أو الطالب المسلم لأي تعاليم تغاير معتنقه الديني، فيشعر الجميع بالمساوة والعدل، ومن ثم ينشأون أسوياء،الأمر الذي يصب في صالح المجتمع كله.
تبدأ الوحدة الثالثة بتمهيد عن حاجة العالم لمجئ محمد لينشر قيم العدل والتسامح بعد أن ساد الفساد والظلم في جميع الأجناس، ثم ينتقل في الفقرة التالية للحياة الدينية في شبه حزيرة العرب، ويوضح أنها كانت مهدا لكثير من الأنبياء مثل هود وصالح وشعيب وإبراهيم وإسماعيل، ثم انتشرت اليهودية والمسيحية، كما بقى القليل منهم على الحنيفية ديانة إبراهيم، وهنا تبدأ صعوبة شرح هذه الفقرة لطفل مسيحي، حيث عليك أن تخبره أن الإسلام جاء لأن عقيدته فشلت في تقويم الناس، وهي بداية ليست مريحة لما تحمله من استعلاء ديني، فضلا عما تقره  أيضا من أمور لا يؤمن بها المسيحيون، فالمسيحية لا تعرف أنبياء بأسماء هود وصالح وشعيب، كما لا تعرف دينا اسمه الحنيفية، فكيف أشرح ذلك لإبني، وجدت صعوبة حقيقية فى توضيح أن ما سيدرسه هنا يمثل المفهوم الإسلامي، ويجب حفظه كما هو حتى لو كان عكس كل ما تعمله كمسيحي، هذه معاناة صعب شرحها، فأنت تعلّم ابنك أن يحفظ معلومات تقول له إنها ليست تاريخا وإنما هي ما يؤمن به أصدقاؤه المسلمون، بينما زميله المسلم سيتعلم أن هذا تاريخا ودينا في نفس الوقت، هذا ليس عدلا بجانب صعوبة المعلومات نفسها للطالب المسيحي واعتياد المسلم عليها بحكم معرفته المسبقة لها.
ثم يبدأ الفصل الأول من الوحدة الثالثة بتمهيد عن رسالة الإسلام التي أخرجت الناس من ظلمات الجهل والعبودية إلى النور والحرية، مرة أخرى تعبيرات استعلائية وعاطفية سيحفظها طالب مسيحي في درس يفترض إنه في منهج التاريخ وليس في حصة الدين، ثم يتحدث عن عام الفيل الذي ولد فيه الرسول، وهو نفس العام الذي حاول أبرهة الأشرم هدم الكعبة ليتحول الناس إلى كنيسته، ولا أعرف كيف طاوع ضمير من وضع هذا المنهج أن يكتب القصة هكذا بشكل يستفز مشاعر طلبة صغار ويربط فى جملة واحدة بين هدم الكعبة وتعمير كنيسة أبرهة في اليمن، رغم إنه في الدرس الثاني سيتحدث عن لجوء الرسول وأصحابه للحبشة لأن بها ملكا عادلا لا يظلم أحدا اسمه النجاشي، ولن يذكر أن النجاشي كان مسيحيا كما فعل في حالة أبرهة، ولا أعرف كيف نتحدث عن تجديد الخطاب الديني بهدف خلق جيلا جديدا أكثر تسامحا وقبولا للآخر، ثم نبروز ونوضح ونظهر أن من حاول هدم الكعبة كان مسيحيا بينما نخفي أن من لجأ إليه الرسول هربا من ظلم قريش كان مسيحيا، ولا أعرف أيضا ما يمكن أن يدور من حوارات بين التلاميذ باختلاف عقائدهم بعد كل حصة، خصوصا في ظل حالة استقطابية نمر بها.
في حصة التاريخ لا يستقيم أن نتحدث في أمور إيمانية بصفتها حقائق تاريخية، كما يجب أن نراعي في نفس الوقت التنوع الديني الذي يجعل هذه الأمور الإيمانية تختلف من دين لآخر، دون أن يتعارض هذا مع إيمان كل منا واحترامنا لكل ما نؤمن به، ولكنها فضيلة التخصص الذي يجب أن نعلم أبناءنا احترامها، وبالتالي يكون من الصعب على غير المسلم أن يتعلم فى كتاب التاريخ قصة نزول جبريل بالوحي على الرسول، ويكون من الصعب أيضا أن نذكر الإسراء والمعراج بصفتها أحداثا تاريخية، أو أن الله أرسل ملائكته لتحارب مع المسلمين في غزوة بدر، وأرسل ريحا قويا اقتلعت خيام المشركين وقذفت في قلبوهم الرعب في غزوة الخندق.
في حصة التاريخ أيضا يكون من المنطقي استخدام المصطلحات المتفق عليها تاريخيا، وخصوصا مع مفردات دينية، أو تمس عقيدة أخرى، فالمسيحي يعرف أن عقيدته اسمها "المسيحية" لا "النصرانية" كما ذكر في المنهج المقرر في كتاب التاريخ، والغريب أنها كتبت في صفحة المفاهيم بتعريف النصرانية أنها ديانة عيسى، اسم "عيسى" أيضا لا يعرفه المسيحيون، كما أن النصرانية في الأصل هي طائفة كانت منتشرة في جزيرة العرب، وطالما ذكرت في صفحة خاصة بالمفاهيم، فتعريفها الصحيح وفق التاريخ المسيحي أنها أطلقت على طائفة ابتدعت فكرا مختلفا عن العقيدة المسيحية، وكانت لهم تجمعات فى بعض البلدان العربية فكان يطلق عليهم مثلا نصارى مكة، نصارى الشام، نصارى نجران، أي وفق الإيمان المسيحي أيضا هي بدعة، هل من اللائق إذن ذكر هذه الأمور الملتبسة في كتاب تاريخ للمرحلة الإعدادية؟ علما بأن ما ذكرته هو مجرد أمثلة على سبيل المثال لا الحصر.
في مادة اللغة العربية أيضا يعاني الطالب المسيحي من وجود نصوص إسلامية كثيرة يتوجب عليه حفظها، وكان هناك من ينادي يتخفيف هذه النصوص أو على الأقل جعلها غير إلزامية الحفظ والتسميع، ولكن وجودها في مادة اللغة العربية يبقى في النهاية أمرا مفهوما، أما في كتاب تاريخ فهذا هو الأمر الغريب الذي يجب إعادة النظر فيه.

المقال على موقع رصسف22


Saturday, August 12, 2017

هايقدر قلبي ينساكي؟


هايقدر قلبي ينساكي؟
أكيد يقدر..

وتمشي الدنيا من غيرك
كمان واكتر..

وزحمة الأيام هتلهينا
ومين فينا..

حياته واقفة غ التاني
ومن تاني..

هانبدأ من جديد وجديد
وتاخدنا الحياة لبعيد..

وتنسيني وهنساكي
وتفضل قصتي معاكي

كما الذكرى..
كما الخاطر..
 كما الفكرة..

واشوفك مرة بالصدفة
هلاقى النظرة مختلفة
مفيش ف عيونا أي كلام
 ولا فاضل ف القلوب لهفة..

بنتغير..
كما كل الحياة بنكون
 بتعلا الموجة ثم سكون..

قوالب جاهزة بنعيشها
 مفيش تفصيل في أي قانون..

Tuesday, January 26, 2016

مؤامرة هي ولّا ثورة


مؤامرة هي ولّا ثورة . . 
دي القضية والسؤال

هو قال طبعا مؤامرة . . 
هي ردت بانفعال

حد كان مستني دوره . . 
ولما جه زعّق وقال

فوضى واللي وراها خاين . . 
يالّا يا شوية عيال

حد تاني قاله إخرس . . 
هي ثورة مفيش فصال

والمذيع مكنش همّه . . 
غير مساعدة الاشتعال

وان كام إعلان يزيدوا . . 
ينقلوه من حال لحال

ومن قناة لقناة تلاقي . . 
شغالين نفس السجال

والقضية في الحقيقة . . 
غير ما حاصل ع الشاشات

اسألوا الناس في الشوارع . . 
والزقايق والحارات

هي ثورة أم مؤامرة . . 
أم مغامرة وانفلات

اسألوا الناس الغلابة . . 
حلمهم كام مرة مات

كل ثورة تقوم عشانهم . . 
يحلموا بحبة حاجات

واما بتخيّب آمالهم . . 
يلعنوها من سكات

همّكم انتوا الأسامي . . 
همّهم ذُلّ السؤال
--
شمعي أسعد
25يناير2016