Friday, November 21, 2014

أول ثلاث ثورات في تاريخ مصر


بدأت ثورات المصريين في مرحلة مبكرة جدا من تاريخ مصر القديم، وربما كانت أول ثورة عرفتها البشرية في مصر، وبالبحث في التاريخ القديم نكتشف أن أول ثورة كانت ثورة دينية وقد حدثت في عصر الأسرة الثانية (حوالي 2890-2686 ق.م)، والثورة الثانية كانت في نهاية عصر الأسرة السادسة (حوالي 2323-2150 ق.م) وكانت ثورة اجتماعية، بينما كانت الثالثة ثورة قومية، أو يمكن تسميتها بـ"حرب التحرير" فقد كانت ضد الهكسوس، في أواخر عهد الأسرة السابعة عشر (حوالي 1680-1580 ق.م).



 الثورة الأولى: الثورة الدينية

هي أول ثورة في التاريخ القديم، ولعلها مفارقة غريبة أن تكون أول ثورات المصريين ثورة دينية، فقد تمرد الشعب في عصر الأسرة الثانية على عبادة حورس إله الشمال، وبدأوا في عبادة "ست" إله الجنوب، حتى أن الملك نفسه "سخم أب" غير اسمه وانتسب للإله ست ليصبح "ست بر إب سن"، وبعد نجاح الثورة حدثت تغيرات جذرية واسعة، وتقلصت صلاحيات الكثير من المناصب العليا، وزادت مساحة الحريات الدينية، وحدث تقدم واسع في مختلف نواحي الحياة.



الثورة الثانية: الثورة الاجتماعية

جلس الملك بيبي الثاني - الأسرة السادسة - على عرش مصر وهو في السادسة من عمره خلفا لأخيه، وطال عمره حتى بلغ المئة فكانت فترة حكمه 94 عاما هي الأطول في تاريخ ملوك مصر، وكانت نهاية عهده - بطبيعة الحال لمن يطول جلوسه في الحكم - نكبة على البلاد، فبدأت حالة الحكومة في الضعف وفقد الملك سيطرته على زمام الحكم، والتف حوله المنافقون، وفي نفس الوقت ذات نفوذ حكام الأقاليم واستقلوا عن السلطة المركزية، وفرضوا ضرائب ظالمة وأهملوا إصلاح الأراضي الزراعية، وانضم لهم الكهنة غير مبالين بمعاناة الناس، وكلما ذهب إليهم مظلوم بشكوى طالبوه بالطاعة ووعدوه بحسن الجزاء في الآخرة، بدلا من الانضمام إليهم في وجه ظلم حكامهم، فانتشرت بين الناس دعاوي التمرد والعصيان، فسرت موجة الغضب والإضرابات في مصر كلها، حيث حطم المصريون حاجز الخوف لأول مرة، وثاروا ضد الحكام وموظفي الدولة ورجال الدين، وكانوا يعتصمون في أكبر المعابد ويطرقون أبوابها ويهتفون بصوت عالٍ لإجبار الملك على سماع مطالبهم.

كانت ثورة اجتماعية طاحنة ضد كل شيء حتى الآلهة، وقد وصفها المؤرخون بأنها أول ثورة شيوعية في التاريخ، ووصفها الفراعنة، حيث كان حاكم كل إقليم يطلق على نفسه اسم فرعون وقتها أنها ثورة الرعاع، بينما هي في واقع الأمر كانت أيضا أول ثورة جياع، وسادت الفوضى وفلت الزمام من أيدي قادة الثورة نفسها.

والغريب أن تلك الثورة بدأت بمجموعة من المنشورات والشعارات كانت بدورها هي الأولى من نوعها مثل: "الأرض لمن زرعها، والحرفة لمن احترفها، وليس للسماء وصاية على الأرض". واستمرت حوالي سبع سنوات.



الثورة الثالثة: الثورة القومية

هي أول ثورة قومية، وكانت ضد الهكسوس الذين احتلوا مصر لأكثر من قرن ونصف، وقاد تلك الثورة ثلاثة من ملوك الأسرة السابعة عشر (سقنن رع الثاني، كاموس، أحمس الأول).

وقد بدا سقنن رع ثورته ضد الهكسوس وحقق بعض النجاح ولكنه قتل في إحدى المعارك، ثم جاء بعده ابنه الأكبر كاموس، الذي حقق انتصارا أكبر بتقدمه نحو عاصمة الهكسوس في الشمال، وقام بتأمين الجنوب ضد هجمات محتملة من أمير النوبة، كما قضى على تمرد بعض أتباعه، وقد قتل أيضا ثم انتقل الحكم إلى أحمس الأول الذي واصل الحرب ضد الهكسوس حتى طردهم،  وأسس الأسرة الثامنة عشرة.



شمعى أسعد



مراجع المقال:

- موسوعة مصر القديمة - سليم حسن - مكتبة الأسرة 2000.

- موقع مكتبة الإسكندرية.

- موسوعة ويكيبيديا.

- عدة مقالات وأبحاث متفرقة على الإنترنت.









Tuesday, November 04, 2014

وللشتائم أصول.. وتاريخ

لكل بلد قاموسها في الشتائم، تعتمد مفرداته على عدة عوامل تاريخية وثقافية واجتماعية ودينية وعرقية، حيث تنتج كل تلك العوامل مفردات نابية يختلف مفهومها من لغة لأخرى، فبينما تعتمد اللغة العربية في مفهومها لتلك المفردات على كونها تمس أمورا مثل الجنس، المثلية، التلفظ على أفراد العائلة كالأم والأخت، التشبيه بالحيوانات، الكره العنصري، الدين، نجد اللغة الصينية يرتكز مفهومها للألفاظ النابية على سب أفراد العائلة، بينما في اللغات الدرافيدية هي مساواة الناس بالحيوانات، أما في اليابانية فعدم مراعاة أنظمة الأدب وإهانة الذكاء بجانب الألفاظ الجنسية هي المفهوم السائد عن معنى الكلمات النابية.

والشتائم الجنسية هي العامل المشترك بين أغلب اللغات والثقافات، وهذا يعكس نظرة دونية قديمة للجنس ربما تعود إلى الإنسان البدائي قبل أن يدرك أنه سبب وجوده واستمراره. وفي مصر تعود بعض الألفاظ إلى عهد الفراعنة ولكنها كانت تخص فعل الجنس نفسه ولم تكن تمس المرأة بشكل عام، أو الأم بشكل خاص، فاحترام المصري القديم للأنثى منعه من إدراجها في قاموس الشتائم. ولكن بعد عصور عديدة وبعد دخول المماليك مصر وبعض الدول العربية، تغيرت الثقافة العامة وتغير معها كل شيء، حتى الشتائم.

وقدر صدر في 1995 كتاب بعنوان "تراث العبيد في حكم مصر المعاصر.. دراسة في علم الاجتماع التاريخي" عن المكتب العربي للمعارف، وبرغم تفرد الكتاب في تحليله لكثير من سلبيات المجتمع المصري، ومحاولة تقصي الأصل التاريخي لها، إلا أن كاتبه لم يشأ ذكر اسمه واكتفى بكتابة الاسم هكذا "دكتور: ع .ع"، ويقول في مقدمة كتابه إن هذا البحث يتناول مصر المعاصرة ولكنه يعود بالحدث المعاصر إلى بداية تاريخ حكم الرقيق الأبيض في مصر، يقصد المماليك كما كان يسميهم.

ومن بين الأمور التي يتعرض لها هذا البحث القيم هو أصول بعض الشتائم ودلالاتها الاجتماعية والتاريخية، حيث يذكر أنه "لم يظهر السب والاستهزاء بالعضو التناسلي للأم إلا في العصر المملوكي، وازداد في العصر العثماني وهو مملوكي في صميمه أيضا، واتسع في عصر الأسرة العلوية"، ويفسر الكاتب ذلك بأن "المملوكي في الأصل لا أسرة له، وهو لا يعرف أباه أو أمه، وليس له سلالة وقد يقرأ في عيون أهل البلاد ما يفيد ذلك، لذلك فهو غير حريص على شرف أهل البلاد أو صحة أنسابهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وأقرب عضو لتلويث محدثه هو اتهام (ك. أمه) أو (ك. أخته)".
ويضيف، "أما العبارات المتعلقة بالأخت أو بمؤخرة الرجل فلم تشع في مصر وإنما في الشام، فالشوام أكثر بياضا من المصريين، وأكثر امتلاء لذا فقد وجد المماليك في (ك. أختهم) و(ط. أبوهم) مجالا للتعامل على السواء، ورغم اندماج المماليك في المجتمعات العربية والإسلامية فإن الموروثات ظلت كما هي".

والتفسير أن السب باستخدام العضو التناسلي للأم سببه في الأصل عقدة نقص عند المملوكي مجهول النسب، جعلته ينظر للمصري معلوم النسب نظرة حقد، وبالتالي حين يسبه فلابد أن يطعن في نسبه كأنه يقول له أنت ابن هذا الجزء من جسم أمك ولا تعرف من أباك، وبالتالي يصبح استخدام أو ذِكر الأم في الشتائم هو في واقع الأمر هجر لثقافة مصرية قديمة كانت تحترم المرأة، لثقافة دخيلة مملوكية مجهولة النسب مثل من أتوا بها.

شمعى اسعد

المقال على دوت مصر